قالت وزارة التربية والتعليم إن أي عملية لتطوير المناهج في المملكة تستند إلى فلسفة التربية المنبثقة من الدستور الأردني، والحضارة العربية الإسلامية، ومبادئ الثورة العربية الكبرى، والتجربة الوطنية الأردنية.
وأضافت الوزارة في بيان صحفي وصل وكالة الأنباء الأردنية (بترا) نسخة منه، إن المنهج المدرسي يشبه الكائن الحي الذي ينمو ويتطور باستمرار ليتلاءم مع حاجات المجتمع والطلبة ورؤى الدولة المستقبلية، الأمر الذي يجعله خاضعا لدورة حياة تمتد عادة بين (7-10) سنوات، تجرى خلالها دراسات تقييمية للمناهج والكتب المدرسية، والاستفادة من نتائج الاختبارات الوطنية والدولية؛ للوقوف على نقاط الضعف من أجل معالجتها في عملية التطوير اللاحقة.
وأشارت الوزارة إلى أن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول دراسة موسومة بـــ (ملخص المناهج المدرسية الأردنية (2016-2023) لمباحث التربية الإسلامية، واللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، والرياضيات، والعلوم، اعتمدت في مضمونها على المقارنة بين كتب دراسية قديمة وحديثة، ولكن جاءت أحكامها ونتائجها غير دقيقة نتيجة النقص والقصور في عملية البحث.
وأوضحت إدارة المناهج والكتب المدرسية في الوزارة أن الدراسات البحثية تستند في جوهرها إلى منهج علمي في الدراسة والتحليل الإحصائي، الأمر الذي تفتقر إليه الدراسة التي اعتمدت منهج المقارنة بين الكتب المدرسية القديمة والحديثة، دون النظر إلى ما تحتاجه المراحل الجديدة من التطوير.
وأكد البيان أن الدراسة اتسمت بغياب أساسيات البحث والتحليل لعدم وجود معايير واضحة تستند إليها في عملية البحث، واقتصرت فقط على مقارنة الكتب القديمة بالكتب الحديثة من حيث المحتوى وعدد الصفحات، مشيرة إلى أن الأجدى هو اعتماد قائمة من المعايير المحكمة علميا، والاستناد إليها في عملية تحليل كل كتاب على حدة؛ لتكون عملية المقارنة ذات فائدة، ومن أجل الوصول إلى نتائج علمية ومنطقية.
ولفت البيان إلى أن من الطبيعي جدا في عملية تطوير المناهج والكتب المدرسية، أن تختلف نسخة كتاب لصف ما عن النسخة الجديدة الخاضعة للتطوير من حيث المحتوى والأنشطة والتقييم، وهو ما غاب عن منهجية الدراسة، ما أدى إلى تضليل القارئ والعامة من المواطنين؛ إذ إن الدراسة قارنت كتب 2015، 2016، بكتب 2023.
وأوضح البيان أن عملية تطوير المناهج والكتب المدرسية تتطلب قبل البدء بعملية تأليف الكتب المدرسية، بناء مصفوفة المدى والتتابع للمادة الدراسية، والتي تنتظم من خلالها المفاهيم ونتاجات التعلم بشكل تراكمي بين الصفوف الدراسية.
وتابع البيان، وبناء على ذلك تتوزع الموضوعات التعليمية للمادة الدراسية بين الصفوف بشكل يضبط التكامل الأفقي والرأسي للمفاهيم، وكذلك يمكن لموضوع تعلمي في مادة دراسية ما قد درسه الطلبة في الصف الخامس مثلا، أن ينتقل في عملية التطوير إلى الصف السادس أو غيره، وذلك بناء على التنظيم الجديد للمادة الدراسية.
ونبه البيان إلى أن الدراسة تعمدت إغفال هذا المبدأ، ما يوحي للقارئ أن الكتاب يجب أن يتضمن نفس الموضوعات، والأمثلة، والأنشطة، تبعا لمنهجية المقارنة التي استخدمتها الدراسة، وفي هذا تجن كبير على الكتاب المدرسي من جانب، واستغفال لعقل القارئ من جانب آخر.
وأشار إلى أن الدراسة اعتمدت منهجية مقارنة كتاب بكتاب للمبحث نفسه، ولم تتنبه إلى أن الموضوع الذي لم يعد موجودا في كتاب ما، ربما يكون ذكر في كتاب آخر، واقتصرت الدراسة على مقارنة كتاب قديم بحديث للمبحث نفسه، وهذا النقص في الدراسة من شأنه تضليل القارئ، وإيقاعه بوحل النتائج المزعومة.
ولفت البيان إلى أن عملية التطوير تزامنت مع تغيير في عناوين الكتب المدرسية، مثل الدراسات الاجتماعية بدلا من التربية الاجتماعية، وكتب التاريخ؛ حيث كان لها عناوين خاصة لكل صف مثل تاريخ العرب والمسلمين للصف السادس، وتاريخ حضارات العالم القديمة للصف السابع، وتاريخ أوروبا والعالم في العصور الوسطى والحديثة، وتم تغيير العناوين جميعها إلى (كتاب التاريخ)، ومن أجل إيهام القارئ بادعاءات الدراسة وزعمها.
وشدد البيان على “أن المقصود هو تخفيف الأبعاد القومية والوطنية في المناهج”، فقد ورد في صفحة (19) من الدراسة أن التغييرات التي أصابت أسماء بعض الكتب، وركزت على كتاب السادس الذي يحمل عنوان تاريخ العرب والمسلمين، ولم تذكر مثلا تغيير تاريخ أوروبا أو حضارات العالم القديمة، وهذا يخالف مبدأ الأمانة العلمية في نقل المعلومة، ويخالف مبدأ الموضوعية والحياد في أساليب البحث العلمي.
وزاد البيان، أن الدراسة استخدمت لغة الأرقام، من خلال الإشارة إلى عدد صفحات الكتب، وعدد الآيات القرآنية الكريمة، وعدد الأحاديث النبوية الشريفة، وعدد الأمثلة، ما يدل على بعد الدارسين عن حقل التأليف، وعدم اطلاعهم على أسس عملية التأليف التي تستند إلى تحقيق النتاجات وليس عدد الصفحات، فالتأليف يعتمد النوع وليس الكم، فلم تكن في يوم من الأيام أعداد الصفحات المعيار الأساس لنضوج الكتاب المدرسي واكتماله، وليس دليلا على مثاليته وشموله، فالمعيار الأساس هو بما يحقق النتاجات.
وأكد البيان أن التناقض واضح جلي في الدراسة، من خلال ما أشارت إليه في الصفحة رقم (16) على أن الأطر الصادرة عن المركز الوطني لتطوير المناهج، تتطابق بنسبة كبيرة مع الأطر الصادرة عن الوزارة، وفي نفس الصفحة تزعم الدراسة أن المناهج الجديدة قلصت المحتوى الديني، والأخلاقي، والقيمي، والبعد القومي، والوطني.
ودعا البيان إلى الرجوع للإطار العام للمناهج الأردنية الصادر عن المركز الوطني لتطوير المناهج، بدءا من صفحة (9) وقراءة الموجهات العامة للمناهج: الأهداف التربوية، والقيم الجوهرية التي أكدت الإيمان بالله، والدعوة إلى ترسيخ البناء التربوي للفرد المسلم، وأن الإسلام نظام فكري وسلوكي، كما أكدت قيمة الانتماء للوطن، والنزاهة، والصدق، والشفافية، والمسؤولية المجتمعية، والعدالة، والمساواة، وغيرها الكثير.
وأكد الإطار في الصفحة (42) إنتاج مواد دراسية تعزز الإيمان بالله وتنمي القيم الروحية، وتسهم في تكوين شخصية مؤمنة، ويمكن للقارئ الرجوع إلى مسوغات تدريس المواد الدراسية؛ للتعمق أكثر في أهدافها الذي يخالف ما ادعته الدراسة (تقليص المحتوى الديني والأخلاقي والقيمي)، حيث أكد الإطار العام للمناهج الأردنية في صفحة (66) على القيم الآتية: “الإيمان بالله ورسله وكتبه كافة، الانتماء للوطن، البعد الوطني والإسلامي والإنساني، فلسطين قضية العرب المركزية وتحريرها واجب، الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والقدس”، الأمر الذي يخالف ما ادعته الدراسة في صفحة (14)، (أن التطوير كان لدواعي تخفيف المحتوى الديني والبعد الوطني والقضية الفلسطينية…).
ونبه البيان إلى أن الدراسة ادعت تخفيف المحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية، وعلى الرغم أن عملية تأليف الكتب الدراسية المتعلقة بمادة الدراسات الاجتماعية الأكثر احتضانا لهذا الموضوع لم تكتمل بعد، إلا أننا نستطبع أن نبين الآتي: “أكد الإطار العام للمناهج الأردنية في صفحة (22) “…وإيمان المتعلم بالقضية العربية المركزية التي يعنى بها وطنه وفي مقدمتها تحرير فلسطين”.
واكد البيان أن الكثير من نتاجات التعلم وردت في مادة الدراسات الاجتماعية، ومادة التاريخ للمرحلة الثانوية تتعلق بالقضية الفلسطينية منها: “يتعرف تطور القضية الفلسطينية، يبين موقف الأردنيين في مساندة الشعب الفلسطيني، يبين دور الأردنيين في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وأغفلت الدراسة أن هذه النتاجات سيتم ترجمتها إلى محتوى تعلمي في الكتب المدرسية”.
وأشار إلى أن المنهاج عد قضية فلسطين من القضايا المشتركة بين المناهج الدراسية جميعها (يوضح الجدول المرفق موضوعات فلسطين التي وردت في الكتب المدرسية حتى الآن).
واوضح البيان أن الكتب المدرسية المطورة تضمنت الكثير من الموضوعات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبأشكال مختلفة ما بين دروس، وأمثلة، وقصائد، ونصوص، مثل كتاب التربية الوطنية للصف العاشر (نص عن تاريخ القضية الفلسطينية، وسترد موضوعات في الكتب المدرسية التي سيتم تأليفها لاحقا كما ذكر سابقا)، كتاب اللغة العربية للصف السابع (القدس في العيون، ويا قدس)، وكتاب اللغة العربية للصف العاشر (إلى الصامدين غرب النهر)، وكذلك كتاب التربية الإسلامية للصف الثاني (المسجد الأقصى أرض التين والزيتون)، والصف السادس ( الإسراء والمعراج وفضل المسجد الأقصى) والصف التاسع (مكان المسجد الأقصى) والصف العاشر ( قرار اليونسكو) وغيرها الكثير (الجداول المرفقة توضح ذلك).
وقال البيان إن الدراسة ادعت حذف وتقليل الآيات القرآنية في المناهج، وهذا حكم عام مطلق، وكلام مضلل، إذ يمكن الرد عليه بعدم صحته مستندا بذلك إلى الأدلة والبراهين؛ فقد تضمن منهاج التربية الإسلامية ومقرر التلاوة من الصفوف (الأول الأساسي- الثاني ثانوي) آيات القرآن الكريم في أغلبها، فضلا عن الأحاديث النبوية الشريفة، ولم يقتصر توظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على مبحث التربية الإسلامية فحسب، بل تجاوز ذلك إلى مبحث اللغة العربية.
ولفت إلى توظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بما ينسجم وموضوعات الدروس، فلم يكن التوظيف إقحاما من أجل التوظيف أو زخرفا لإضافة حلية، بل ليضيف قيما أخلاقية وإيجابية منسجما وموضوعات الدروس، أما فيما يتعلق بمبحث العلوم فقد وظفت الآيات القرآنية، بما يبين الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وعظمة الخالق وقدرته، واستهلال بعض الوحدات الدراسية بآيات قرآنية تشير إلى موضوع الوحدة؛ ليتبين الطالب بعد دراسة الوحدة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وعظمة الخالق.
وأشار إلى أن عمليات التأليف، وتطوير المناهج تقوم عادة بتغيير الموضوعات الدراسية للمباحث، وهذا يترتب عليه حذف دروس بأكملها بما تتضمنه من مفاهيم، وأنشطة، وأمثلة، وأدلة.
وختم البيان بأن الأدلة والبراهين السابقة، لا تدع مجالا للشك على أن الأحكام التي جاءت في الدراسة غير دقيقة، وتسعى للتشويه وإثارة الرأي العام، وتفتقر الدراسة برمتها إلى أساس البحث العلمي والمنهج التحليلي الشمولي.
–(بترا)