سبق الإخباري – في هذا العالم المتسارع.. حيث تتغير الأحداث.. وتتشكل المناسبات كالأمواج.. يقف البعض على مفترق طرق.. يترددون في اختيار الطريق الذي سيعبرون من خلاله.. فينجذبون إلى التيار الذي يسير فيه الأغلبية.. غير مكترثين بماضيهم أو مبادئهم او بمهنيتهم.. هؤلاء هم “راكبو الأمواج”.. أولئك الذين يتقنون فن تغيير المواقف.. وتلوين الكلمات.. لتتوافق مع أهواء العامة.. تاركين وراءهم كل ما يمثلهم.. متناسين قيمهم.. فقط ليكسبوا التصفيق الحار.. ويحققوا الشهرة الزائفة..
للأسف الشديد.. في هذا العصر.. لم يعد المبدأ هو ما يحرك هؤلاء.. أو يقودهم نحو الحقيقة.. بل أصبحت الشهرة والمال.. هما الهدف الأسمى الذي يُسعى إليه بأي وسيلة كانت.. فتجد هؤلاء يتغنون بمواقف وأفكار لا يؤمنون بها.. ويمدحون اشخاصاً ودولاً وممارسات.. ليست إلا وسيلة لتحقيق مكاسبهم الشخصية..
إنهم كحصالة النقود.. أو ماكينة البيع الآلية.. لا يفرقون بين من يضع المال.. ومن يستفيد.. المهم عندهم.. هو تحقيق الربح.. ولو على حساب شرفهم وكرامتهم..
وراء كل بوست.. أو مقال.. أو مقطع فيديو ينشره هؤلاء.. تختبئ حقيقة مرة.. وهي أنهم على استعداد للتخلي عن كل شيء.. مقابل الفتات الذي يُلقى لهم.. إنهم مثل اللصوص الذين يسرقون في الظلام.. يسرقون أحلام الجمهور.. ويبيعونها بثمن بخس.. ليعودوا في نهاية المطاف خاويي الوفاض.. بلا مبدأ ولا ضمير..
هم تجار الكلمة الفارغة.. يتلاعبون بالحروف.. ويزيّفون المعاني.. لتتوافق مع أجنداتهم الشخصية.. ويقبلون بأي دور يُعرض عليهم.. مهما كان دنيئاً.. أو مخالفاً لقيمهم الأصلية..
إنهم كالمنافقين في زمن الردة.. يغيرون مواقفهم كما يُغير الممثل قناعه.. جاهزين للتلون حسب الحاجة.. لا ولاء لهم.. إلا لأهوائهم.. ولمن يدفع لهم أكثر..
لقد أصبح هؤلاء عبيداً للمال والشهرة.. يتغنون بالوطنية.. وهم أول من يبيع أوطانهم عند أول فرصة.. يتحدثون عن القيم.. وهم أول من يدوس عليها بأقدامهم دون خجل أو تردد..
وراء أقنعة النفاق تلك.. لا يوجد سوى أشخاص ضائعين.. بلا هوية ولا مبدأ.. يركضون وراء الشهرة.. كمن يطارد سراباً في صحراء قاحلة..
هؤلاء.. مهما جمعوا من مشاهدات أو متابعات.. سيظلون فارغين.. لأنهم باعوا أنفسهم لمن يدفع أكثر..
وفي نهاية المطاف.. سيبقون مثل أوراق الشجر اليابسة.. والتي تتطاير مع أول ريح.. بلا جذور.. بلا قيمة.. بلا روح.. وسيبقون مجرد ذكرى مزيفة في ذاكرة النسيان.. لا أثر لهم.. إلا غبار كذبهم وتزييفهم للحقيقة..
محمود الدباس – ابو الليث..