سبتمبر 8, 2024

سبق الإخباري – كتب محمود الدبّاس :

في مجتمعنا اليوم.. نواجه العديد من التناقضات التي تعكس جوانب غير محببة من طبيعتنا البشرية.. ومن أبرز هذه التناقضات.. أولئك الذين يحاربون الواسطة والمحسوبية بكل شدة.. لكن عندما تكون الواسطة في مصلحتهم.. يتغير موقفهم تماماً..
وترى هؤلاء الأشخاص في كل مكان.. ينادون بأعلى أصواتهم ضد الظلم.. ويطالبون بالعدالة والمساواة.. ولكن في اللحظة التي يتاح لهم فيها استغلال نفوذ أو علاقة للحصول على ميزة.. يتخلون عن مبادئهم بسهولة وبدون تردد..

مثل هؤلاء الأشخاص يملأون حياتنا اليومية.. وليسوا فقط في المؤسسات أو الدوائر الحكومية.. بل حتى في الأمور البسيطة مثل الوقوف في الطابور.. تجدهم يطالبون الجميع بالالتزام بالطابور واحترام النظام.. ولكن عندما يجدون أنفسهم في عجلة من أمرهم.. لا يترددون في تجاوز الطابور.. وكسر النظام الذي كانوا يدعون إلى احترامه..

وليت الأمر يتوقف هنا.. بل يمتد إلى ميدان مكافحة الفساد.. فترى الشخص ذاته.. يقف على المنابر.. وينادي بأعلى صوته لمحاربة الفساد والفاسدين.. ولكن عندما يتم اتهام أحد أقربائه.. أو احد أفراد عشيرته او عائلته بالفساد.. يتحول فجأة إلى مدافع شرس.. رافضاً الاعتراف بالحقائق.. حتى وإن كانت دامغة.. ومعتبراً أن الاتهام ما هو إلا استهداف شخصي.. أو محاولة لتشويه صورة العشيرة أو العائلة..

هذه التناقضات.. تكشف عن وجه مؤلم في مجتمعنا.. حيث يتم استخدام المبادئ والقيم كأدوات لتحقيق المصالح الشخصية.. وللأسف إن القياس بمقياسيين ليس مجرد ظاهرة.. بل هو سلوك يعيشه الكثيرون يومياً.. دون أن يدركوا حجم الضرر الذي يلحقونه بالمجتمع..

إن التعامل مع المبادئ.. يجب أن يكون ثابتاً ومستقراً.. بعيداً عن الأهواء والمصالح الشخصية.. فالمبادئ هي التي تبني المجتمعات القوية والمتماسكة.. ولا يجب أن تكون قابلة للتغيير حسب الظروف والمصالح.. عندما نلتزم بالمبادئ في كل الظروف.. نكون قدوة حسنة للأجيال القادمة.. ونساهم في بناء مجتمع عادل ومستقيم..

لذا.. فلنبدأ بأنفسنا.. ولنجعل من احترام القيم والمبادئ أساساً في حياتنا.. ولنبتعد عن التناقضات التي تضر بمصداقيتنا.. وتفقدنا ثقة الآخرين.. ففي النهاية.. الكرامة الحقيقية تكمن في الثبات على المبادئ.. مهما كانت الظروف.. ومهما كانت المكتسبات..

محمود الدباس – ابو الليث..

About The Author

شارك الخبر