سبق الإخباري – في كل مجتمع يبحث عن الديمقراطية الحقيقية.. يجب أن تكون الحياة الحزبية نابعة من قناعة شعبية صادقة.. وليس مجرد غطاء او مظلة.. للوصول إلى البرلمان بطرق غير تقليدية..
فالعمل الحزبي لا يمكن أن يكون مجرد وسيلة لتحقيق أهداف شخصية.. بل هو التزام بقيم ومبادئ تهدف إلى تحسين حياة المواطنين وتنظيم المجتمع..
في الأردن.. شهدنا في السنوات الأخيرة جهوداً لتشجيع تأسيس الأحزاب.. وتفعيل دورها في الحياة السياسية.. من خلال مخرجات منظومة التحديث السياسي.. لكن هل تأسست هذه الأحزاب بناءً على أسس حزبية منطقية وسليمة؟!.. أم أنها مجرد تجمعات تهدف إلى النجاح في الانتخابات من خلال نافذة المقاعد المخصصة للأحزاب؟!..
للأسف.. كثيراً ما نرى أن العمل الحزبي يُستخدم كغطاء للوصول إلى السلطة.. دون أن يكون لدى المؤسسين برامج حقيقية أو أهداف واضحة تمثل تطلعات الشعب.. فبعضهم كانوا في الماضي يحاربون فكرة الأحزاب وهم في مناصبهم الرسمية.. ليصبحوا مؤسسين لأحزاب جديدة بمجرد خروجهم من تلك المناصب.. مما يجعلنا نشك في نواياهم الحقيقية.. ويعزز فكرة مغادرتهم المناصب من الباب.. ويريدون العودة من الشباك..
لكن دور الأحزاب يجب أن يتجاوز الانتخابات النيابية.. ليشمل كافة مناحي الحياة.. فالأحزاب.. بمفهومها الحقيقي.. هي مؤسسات تهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية في جميع المستويات.. بما في ذلك انتخابات المجالس البلدية والمحلية.. ويجب أن يكون للأحزاب دور بارز في الحياة الاجتماعية.. فهي ليست مجرد منصات انتخابية.. بل أدوات فعالة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الوعي السياسي والاجتماعي بين المواطنين..
الأحزاب الحقيقية.. والتي تم تأسيسها على افكار راسخة.. وتؤمن برسالتها.. وتلتزم بمبادئها.. لا تقفل أبوابها.. او تتقهقر إذا لم تنجح في الانتخابات.. بل تستمر في العمل والنضال من أجل تحقيق أهدافها وبرامجها.. فالأحزاب التي تنبثق من قناعة حقيقية بالمشاركة السياسية.. والعمل الجماعي.. تظل تعمل في المجتمع.. تبني العلاقات مع المواطنين.. وتساهم في حل المشكلات اليومية.. بغض النظر عن نتائج الانتخابات..
لهذا.. فإن بناء حياة حزبية ناجحة ومستدامة في الأردن.. يتطلب إعادة النظر في كيفية تأسيس الأحزاب.. وضمان التزامها بالعمل الجاد والمخلص.. فالأحزاب يجب أن تُبنى على أسس متينة.. تضمن المشاركة الشعبية.. والالتزام الحقيقي بالأفكار والمبادئ.. ويجب أن تكون لديها برامج واضحة.. وأهداف تعبر عن تطلعات قواعدها الشعبية.. فقط بهذه الطريقة يمكن للأحزاب أن تترك أثراً إيجابياً ومستداماً في المجتمع.. وتحقق التغيير الذي ينشده الجميع.. وتكسب الانصار والمؤيدين..
في نهاية المطاف.. الحياة الحزبية ليست مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة.. بل هي جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع.. ولا تتعارض مع اي مكون او تركيبة مجتمعية.. وليست البديل عنها.. إنها الطريق نحو بناء ديمقراطية حقيقية.. حيث يكون لكل مواطن صوت.. ولكل فكرة مكان.. ولكل جهد قيمة.. وبهذه الروح.. يمكن للأردن أن يحقق تقدماً حقيقياً في بناء حياة حزبية فاعلة ومستدامة.. تخدم مصالح الوطن والمواطنين على حد سواء..
محمود الدباس – ابو الليث..