سبتمبر 20, 2024

سبق الإخباري – جهاد أبو بيدر

فصلت شركة الاتصالات خدمة الانترنت عن بيتي فغضبت غضباً شديداً واتصلت مهدداً مزمجراً رغم ان الخطأ خطأي فأنا لم أدفع الفاتورة، ولكنني غضبت كثيرًا لإنفصال الخدمة عندي فكيف سأجلس توالي الليل اكتب عن المقاومة وبطولاتها وكيف استطاعت على مدى هذه الشهور الطويلة مرمغة وجه الجيش الأقوى في المنطقة بالتراب ..

عادت الخدمة وعدت إلى قواعدي في الكتابة سالمًا غانمًا وجهزت منشورات عدة لدعم أهلنا في غزة ..بعد يومين انقطعت المياه بشكل مفاجئ غضبت اكثر واتصلت بشركة المياه لأعبر عن حنقي للجريمة البشعة التي ارتكبتها بحقي وحينما لم اجد جواباً دارت في رأسي آلاف الاسئلة ..

فكيف سأستحم واخرج في مظاهرات الدعم لغزة وحين تنتهي المظاهرة كيف سأستحم لامسح عني عرقي ورائحتي بعد أن ابدعت بالهتافات ووصل صوتي عنان السماء كيف وكيف وكيف والكثير من الاسئلة حتى تواصلت مع الحارس وسألته عن السبب فقال “لي يا استاذ انت مش دافع الفاتورة ففصلوا المية عندك” حينها صمتت وتوجهت ودفعت الفاتورة وانا صاغر وعدت للبيت وقمت بالاستحمام ولبست ثياب المظاهرات وقمت” بلف الشماغ او الحطة ” على رأسي وكتبت العديد من الهتافات وجهزتها على هاتفي ومهما اتعبت نفسي فالمياه متوفرة سأستحم وازيل ما علق على جسمي من آثار المعركة التي سأخوضها في المظاهرة..

فيي اليوم الثاني استيقظت على المصيبة الثالثة وكانت هذه بمثابة الضربة القاضية ..شركة الكهرباء فصلت التيار عني ..يا الهي ما هذه المصيبة كيف سأشاهد الجزيرة والميادين واتفرج على مشاهد القتل والدمار وقتل الأطفال والشيوخ والنساء؟ كيف سأتأثر وانا أرى أشلاء الضحايا تتناثر هنا وهناك وكيف سأعبر عن غضبي بمنشور ناري اتلقى عليه آلاف الإعجابات والمشاركات كيف سأجلس مع أصدقائي “نتحسبن” على العدو المجرم ونصفه بأبشع الصفات واليوم الثاني ننتظر مجزرة اخرى واشلاء أطفال آخرين ودمعات أم ثكلى وقسمات عجوز يمشي بشوارع المواصي في خان يونس ينتظر ان تسقط عليه قذيفة تريحه من العذاب الذي يعيشه ..كيف سأشحن هاتفي حتى استطيع أن اقوم بكل هذه الأعمال البطولية وكيف سيعمل عندي ” الواي فاي” يا الهي ما هذا العذاب الذي عشته في هذا الأسبوع..لقد كان اسبوعاً مزعجاً جداً لي ..الحياة لم يكن لها أي طعم أو لون أو رائحة ..ماذا عن أهل غزة الذين منذ ٨ أشهر وهم يعيشون عذاباتهم بين الدم والاشلاء والدمار ونقص حاد بالمياه وبدون كهرباء ولا انترنت الا في حالات نادرة ..

لله دركم يا أهل غزة أين نحن واين انتم..

About The Author

شارك الخبر