سبتمبر 16, 2024

سبق الإخباري – زعيط ومعيط.. أخَوان كانا يعيشان في فقر مدقع.. وكانا يخرجان يومياً للبحث عن عمل دون جدوى.. فيعتمدان احيانا على قوة زعيط في الأتاوات او “الخاوة” لكسب النقود..
وفي يوم من الأيام.. قرر زعيط أن يفترق عن أخيه معيط.. للبحث عن فرصة عمل بمفرده.. عسى أن يجد كل منهما فرصته.. لظنه ان سوء الحظ بوجودهما معا..

ذهب زعيط بعيداً.. مستغلاً قوته وضخامة جثته.. حتى وجد عملاً كحارس لحاكم إحدى البلاد البعيدة.. ومع مرور الوقت.. أعجب به الحاكم ورفَّعه في المناصب.. حتى أصبح رئيساً للحرس ومن ثم مستشاراً خاصاً له.. ولولائه الكامل.. زوّجه ابنته الوحيدة.. وبعد وفاة الحاكم.. اعتلى زعيط عرش تلك البلد..

أما معيط.. فقد تنقل بين البلدان بحثاً عن عمل.. ولكن دون جدوى.. حتى وصل إلى البلد التي يحكمها أخوه زعيط.. تفاجأ معيط حين سمع أن أخاه أصبح حاكماً.. وقرر التأكد بنفسه.. وعندما رأى زعيط أخاه معيط.. فرح واستقبله بحفاوة.. ثم عرض عليه وظيفة مستشاراً له.. الا ان معيط اجهش بالبكاء.. ثم عرض عليه منصب وزير.. فزاد بالبكاء.. وأخيراً رئيساً للوزراء.. لكن معيط استمر في البكاء..
وعندما سأله زعيط عن سبب بكائه.. على الرغم من اعطائه منصباً كبيراً.. أجاب معيط.. “أنا لا أبكي على طمع في منصب اعلى.. ولكني أبكي على حال الشعب الذي يحكمهم زعيط ومعيط”..

تلك الحكاية تعكس واقعا مُعاشا في كثير من بقاع العالم.. حيث نجد أن بعض الأشخاص الذين كانوا معروفين بالبلطجة والزعرنة.. قد أصبحوا من أصحاب المكانة والكلمة المسموعة في مجتمعاتهم.. فبفضل دعم أصحاب النفوذ.. تحول هؤلاء الأفراد من بلطجية.. إلى شخصيات ذات حضور واحترام.. ويتم الاعتراف بهم والتعامل معهم على أنهم أصحاب كلمة ومشورة.. فهؤلاء المتنفذون يستخدمونهم كأدوات لتحقيق مصالحهم الخاصة.. وليكونوا اليد التي تفرض ما يريدون.. فيمنحونهم السلطة والجاه.. ويصنعون منهم رموزاً يُحسب لها ألف حساب..

وفي حياتنا اليومية.. نجد أن بعض الأشخاص قد وصلوا إلى مراكز مرموقة.. ليس بفضل كفاءتهم أو علمهم.. بل بفضل العلاقات والنفوذ.. هؤلاء الأشخاص قد نجدهم في السياسة.. أو في الأعمال التجارية.. أو حتى في الأوساط الثقافية والاجتماعية.. فيتحولون من بلطجية وفرض رايهم.. وأخذ ما يريدون “بالخاوة”.. إلى شخصيات لها حضور واحترام عند البعض.. ويتم الاعتراف بهم.. وتقديمهم.. والتعامل معهم على أنهم أصحاب رأي وخبرة.. وعلم حكمة..

وفي ظل ما نشاهده على شاشات التلفزة في بقاع العالم.. من تراشق بعضهم بمنفضات السجائر.. والتهجم بالايدي والركل أحيانا.. ومن سحب للاسلحة احيانا أخرى في اماكن رسمية.. يدفعنا الى التساؤل.. هل يمكن لمثل هؤلاء الأشخاص أن يساهموا بشكل إيجابي في المجتمع؟!.. وهل يمكن أن يتجاوزوا الدور الذي استُخدِموا من أجله.. ليصبحوا فعلاً قادة ومسؤولين حقيقيين.. غير متصنعين ولا ممثلين؟!..

هذا السؤال يبقى مفتوحاً.. ويعتمد على العديد من العوامل.. بما في ذلك رغبتهم الحقيقية في التغيير.. والأهم.. قدرتهم على التعلم والنمو.. ونسيانهم لأساسهم.. ونشأتهم.. وطريقة تعاطيهم مع الأحداث..
وفي نهاية المطاف.. يبقى الحكم للمجتمع الذي يعيشون فيه..

محمود الدباس – ابو الليث..

About The Author

شارك الخبر