أكتوبر 30, 2024

سبق الإخباري – في ميدان الحياة.. تتشابك الوقاحة مع الأدب في العديد من السياقات.. وتبرز هذه الصورة بشكل خاص في النزاعات بين الجيوش.. فحين يلتقي جيش يتحلى بالأخلاق والمبادئ السامية.. بآخر لا يعرف للأخلاق سبيلاً.. يظهر لنا التباين بين الرقي والانحطاط بأوضح صورة.. فالجيش الذي يتمثل فيه الأدب والاخلاق.. يعامل أعداءه برفق ورحمة حتى في أوج الحرب.. بينما الجيش الآخر.. يعبر عن قسوته ووحشيته وبطشه وعدم انسانيته.. بأبشع الصور.. ولنا في الفتوحات الاسلامية ابهى وانصع المشاهد والصور..

ولا يقتصر هذا الصراع على ساحات المعارك فقط.. بل نجده يتجلى في الحوارات والخصومات بين الأفراد أيضا.. غعندما يكون أحدهم وقحاً وبذيئاً.. يكون حديثه مليئاً بالفظاظة والصلف..
في حين نجد الشخص الآخر.. الذي نشأ في بيئة تعزز الأدب والاحترام.. عرضة للتنمر أو الاستهزاء من الوقح.. هنا تتجلى صورة صارخة للتناقض بين حسن السلوك وسوءه..

من منظور علم النفس.. يرى الدكتور “جون بولبي”.. الذي قدم نظريات مهمة في مجال التعلق وعلم النفس الاجتماعي.. أن الشخص الوقح غالباً ما يعاني من عقدة نقص.. أو اضطراب في الشخصية.. قد يكون نشأ في بيئة غير سوية.. تعرض فيها للتحرش أو القمع.. أو لم يتلق التربية الصحيحة.. هذه العوامل قد تدفعه إلى أن يكون عدائياً وفظاً في تفاعلاته مع الآخرين.. حيث يعبر عن آلآمه الداخلية.. من خلال سلوكياته الخارجية..
بينما الشخص الذي يتحلى بالأخلاق.. يعكس اتزانه الداخلي.. وسلامه النفسي.. من خلال أدبه واحترامه للآخرين.. في كل الظروف..

إن التقاء الوقاحة بالأدب.. يعكس في جوهره صراعاً أزلياً بين الخير والشر.. بين النور والظلام.. وبين القيم النبيلة والسلوكيات الوضيعة.. ومازالت البشرية تشهد هذا الصراع في مختلف مجالات الحياة.. فالأدب يظل دائماً رمزاً للرقي الإنساني.. بينما تظل الوقاحة تذكيراً بتلك الجوانب المظلمة من النفس البشرية..

محمود الدباس – ابو الليث..

About The Author

شارك الخبر