سبق الإخباري – كثير ما نسمع من يقول بفخر.. إنه قضى سنوات طويلة في بحثه عن موضوع معين.. حتى أحاط به من كل جوانبه.. أو يتحدث عن صديقه الذي أمضى ثلاثة أيام متواصلة في حل مشكلة في عمله.. وكأن طول الوقت المستغرق.. بات دليلاً على تعقيد المشكلة.. وحجم الإنجاز…
لكن الحقيقة التي قد يغفل عنها هؤلاء هي.. أن طول المدة.. لا يعني دائماً دقة أو صحة ما تم تحقيقه..
أحياناً.. يكون الوقت الطويل.. مجرد دليل على خطأ البداية.. مما يجعل الطريق أطول وأكثر تعقيداً..
على سبيل المثال.. في مجال الحوسبة.. إذا لم يعرف الشخص تحديداً.. أين تكمن المشكلة.. ولم يقم بعزلها بالشكل الصحيح.. فإن الحل قد يستغرق أياماً.. بل وحتى أسابيع.. وهذا ليس بالضرورة انعكاساً لتعقيد المشكلة وكبرها.. بل نتيجة للبدء من النقطة الخطأ..
هذا المبدأ.. يمتد إلى مجالات أخرى أيضاً.. ففي السياسة.. نجد قادة يترددون لفترات طويلة في اتخاذ قراراتهم.. معتقدين أن التأني هو ما سيقودهم إلى القرار الصائب.. ولكن إذا كانت الأسس التي يبنون عليها قراراتهم مغلوطة.. فإن طول فترة التأني.. لن يؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات..
وليس الاقتصاد ببعيد عن هذا الأمر.. حيث يمكن أن يؤدي اتباع استراتيجيات النمو غير المدروسة.. إلى أزمات مالية طويلة الأمد.. معتقدين ان الأمر يتطلب ذلك.. وغاب عنهم خطأ البدايات..
أما في الأدب وكتابة المقالات.. فقد ينهمك الكاتب في جمع المعلومات وبحثها لفترات طويلة.. لكنه إذا لم يكن على بصيرة من الفكرة الأساسية.. فإن ذلك لن يؤدي إلى عمق في الطرح.. بل إلى ضياع للفكرة بين التفاصيل..
الدرس هنا واضح.. الوقت ليس معياراً للجودة.. بل البداية الصحيحة.. والفهم العميق للمشكلة او الهدف المنشود.. هما ما يحددان قيمة النتيجة.. فالزمن يمكن أن يكون أداة.. لكن قيمته الحقيقية تظهر فقط.. عندما يُستثمر في الطريق الصحيح..
محمود الدباس – ابو الليث..