![](https://i0.wp.com/sabaqnews.com/wp-content/uploads/2025/02/IMG_2276-1.jpeg?resize=225%2C225&ssl=1)
المحامي مهند النعيمات
محام وسياسي
سبق الأخباري – تمثل من منظور القانون الدولي انتهاكا صريحا لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للمؤسسات الدولية كما أنها تشكل إكراها غير مشروع يهدف إلى التأثير على استقلال القضاء هذه العقوبات تتعارض مع الالتزامات الدولية التي تمنح المؤسسات القضائية حماية من الضغوط السياسية وهو ما يعرض النظام القانوني الدولي لأزمة خطيرة وفقا للمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية فإن الإجراءات التي تؤثر على مؤسسة دولية مستقلة تعتبر خرقا لهذا المبدأ كما أن المادة الثامنة والأربعون من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام ألف وتسعمئة وتسعة وستين تشدد على بطلان أي اتفاق أو إجراء يتعارض مع مبدأ السيادة أو استقلال القضاء الدولي
أما من الناحية المحلية قد تكون هذه العقوبات مبررة وفق الصلاحيات الدستورية التي يمنحها القانون الأمريكي للرئيس لكن هذه الصلاحيات لا يمكن أن تتجاوز الحدود الأمريكية لفرض إجراءات تؤثر على المؤسسات الدولية خصوصا عندما تتعارض مع القانون الدولي فالقانون المحلي لا يمكن أن يشكل غطاء قانونيا لتصرفات ذات بعد دولي إذا كانت تنتهك القواعد المتفق عليها بين الدول كما ينص الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن الامتثال للقانون الدولي بأن الأولوية يجب أن تمنح للالتزامات الدولية متى ما تعارضت مع القوانين المحلية
رغم إلغاء هذه العقوبات مؤقتا في عهد إدارة الرئيس جو بايدن عام ألفين وواحد وعشرين إلا أن الإصرار على إعادة فرضها أو التلويح بها يعكس توجها سياسيا داخل الولايات المتحدة يسعى إلى تحدي النظام القضائي الدولي هذا التوجه لا يشكل فقط تهديدا لمبدأ المحاسبة العالمية بل يشجع الأطراف المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان على التمادي دون الخوف من المساءلة مما يهدد بزعزعة الأسس التي يقوم عليها النظام القانوني العالمي
إن ترك هذه الإجراءات دون رد دولي قوي سيؤدي حتما إلى تآكل الثقة في المؤسسات الدولية وهو أمر يضرب في الصميم جوهر العدالة الدولية لذلك لا بد من تحرك جماعي من قبل الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية لحماية استقلال المحكمة إنشاء آلية دولية تهدف إلى الدفاع عن القضاة والمسؤولين الذين يتعرضون لضغوط سياسية أصبح أمرا ملحا كما أن المؤسسات الحقوقية والدولية مطالبة بمواصلة الضغط على الولايات المتحدة من أجل إلغاء هذه العقوبات بشكل كامل ليس فقط لأنها غير قانونية بل لأنها تفتح الباب لتسييس العدالة الدولية مما يهدد مستقبلها
في نهاية المطاف العدالة الدولية يجب أن تبقى بمنأى عن الأهواء السياسية المحكمة الجنائية الدولية ليست خصما لأي دولة بل هي أداة لتحقيق المحاسبة ومنع الجرائم الدولية فشل المجتمع الدولي في الدفاع عنها يعني حرمان الضحايا من الإنصاف وإفلات الجناة من العقاب وهو ليس فقط إخفاقا أخلاقيا بل تهديدا مباشرا لسلام واستقرار العالم